بربري Admin
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 14/08/2010 العمر : 38
| موضوع: من عظماء الجزائر القديس أوغسطين الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 3:10 am | |
| *القديس أوغسطين(354 م ــ 430 م) *
لقد وُلِدَ هذا القديس والفيلسوف الجزائري العظيم يوم 13 نوفمبر سنة 354 م ببلدة « تاجيستة » سوق أهراس
على نحو مائة كيلومتر جنوب مدينة بونة ــ عنابة ــ من أم مسيحية وأب وثني لم يعتنق المسيحية إلا في أواخر عمره . نشأ أوغسطين وتعلم بمدينة مداوروش شرقي عمالة قسنطينة ، وقد شبَّ غير مُتَقَيِّدٍ بالدين ولا بقيود العفة
وأخذ يتنقل في البلاد فدخل قرطاجنة وجال في مدن إيطاليا وهناك تعمق في الدرس فأحاطت به ظروف
كان فيها مانويا ينتقد العقائد ، ثم وقع تحت مذهب الشكاك ، وفي روما تمكن من دراسة آراء
شيشرون ، وتفهم المذهب الأفلاطوني الجديد الذي قربه مراحل إلى العقيدة المسيحية ولم يتأثر بها ،
وأحرز في مدينة ميلان على كرسي تدريس البلاغة ، ثم أنه كان يرى غيره يتأثر بالدين المسيحي فيخجل
من نفسه لأنه يتعلم ويدرس الفلسفة ويزعم أنه يحتقر الماديات . وفي ذات يوم دعاه ضميره
وناداه وجدانه إلى الإيمان والتدين الصحيح فعاد من إيطاليا إلى الجزائر سنة 388 م واتخذ من بلدة
تاجيستة ديرا للتعبد والدرس ومنذ ذلك الحين عمت السكينة قلب أوغسطين فانزوى بديره يدرس ويتعبد
على مذهب الكاثوليك وقد تخرج على يده عددًا وافرًا من علماء اللاهوت وأصبح ديره كعبة علم وفلسفة
ودين ، وأضحى القديس بتآليفه ودروسه وشهرته ومكانته من أعلام الفكر البشري ومن أكبر رجال
الكنيسة اللاتينية ، فعُيِّن على رأس أسقفية بونة سنة 391 م خلفًا لفليريوس ويومئذٍ تصدى لقمعِ
المخالفين والمناونين لمذهبه الكاثوليكي فكتب عدة تآليف نفيسة تناهز المائتي مصنف كتبها كلها
باللاتينية « إعترافاتي » ( Mes confessions ) حيث قص حياته بأمانة ونزاهة فلم يخف حتى
عيوبه وما وقع فيه من أخطاء الشباب ، وقد كتب هذا الأثر الثمين ما بين سنة 397 م و 398 م وكتابه
الآخر « مدينة الإله » ( La cité de dieu ) ذكر فيه مزية وفضل الحياة الأخرى عن حياة الدنيا
وضعه سنة 413 م وفرغ منه سنة 426 م .
وكان أوغسطين يعد في زمانه أخطب خطباء عصره وأكثرهم تأثيرًا في مستمعيه قويًّا في الحجاج
والجدل والمناظرة ، فحارب بكل ما أوتي من قوة بقلمه ولسانه جميع المذاهب التي هي من شأنها
ــ في نظره ــ تقف حجر عثرة في تقدم الديانة المسيحية . فكان يمثل القوة التي انتهت إليها الحياة
الفكرية بإفريقيا المسيحية في أواخر القرن الرابع وأواخر القرن الخامس الميلادي . وعلى هذا النحو
وجدت طائفة الأوغسطية ( 388 م ) التي هي أقدم أخوة رهبانية في الغرب ، ولقد بلغ من تأثيره في
الأةساط العلمية أن تسمي العصر الذي كان يعيش فيه القديس بالعصر الأوغسطيني ، كما اشتهرت تعاليمه بالمدرسة الأوغسطينية وظلت آثاره وانتاجاته الخالدة المرجع الوحيد للتدريس في جامعات
أوروبا بالقرون الوسطى إلى ما بعد النهضة ، وما من رجل فكر إلا وكرع من منهله الفياض واستمد
من معينه الصافي . وقد وصف أوغسطين نفسه بأنه كان قصير القامة نحيف الجسم ضعيف البنية على الدوام .
وليس القديس أوغسطين هو العبقري الوحيد الذي عرفته الجزائر أو بالأحرى إفريقيا المسيحية في
التاريخ القديم . بل عرفت قبله مفكرين وكتابا عديدين مسيحيين وغير مسيحيين مثل أبولي (Apulée )
وأفرنطون ( Afranton ) وترتوليان ( Tertullien ) وسبريان ( Cyprien ) ودونا ( Donat )
وغيرهم .... نعم فبفضل أوغسطين أصبحت بونة كعبة لطلاب العلم اللاهوتي فكانت من أهم
المراكز العلمية والدينية بالجزائرفألتفتت إليها الأنظار ، وفيها انعقدت مجامع المطارنة الشهيرة التي كانت
سنة 393 م و 395 م و 426 م .
ولأوغسطين هذا موقف سياسي شريف يدل على تضحيته ووفائه لوطنه وقومه وتلك هي مواقفه الشهيرة
تجاه المعتدين من الفندال على الوطن الجزائري فإنه بمجرد ما بلغه سعى أعداء القائد الروماني العام
« الكونت بونيفاس » به إلى روما سنة 447 م وعزله من منصبه ، نهض القديس مُدَافِعًا عنه أمام
الأمبراطورة « بلاسيدية » وعمل جهده على تحسين العلائق بين الطرفين فتأثرت الأمبراطورة لكلام
القديس وعدلت عن رأيها في عزل الكونت المذكور .
وكان أوغسطين أيام الهجوم الفاندالي على الوطن يقاوم ويحارب بنفسه فقد دافع الفاندال عن وطنه
دفاع الأبطال . فإنه لما انكسر الكونت « الكونت بونيفاس » منهزما إلى بونة نهض القديس بأعباء المقاومة
وأخلص في دفاعه حتى النهاية وقد مكنته الفرص مِرَارًا من الفرار بنفسه أمام همجية الفاندال الوحشية
ولكنه أبى .... ولما تقدم « جنسريق » زاحِفًا نحو إفريقيا استشار كثير من الأساقفة والقساوسة أوغسطين هل
يبقون في مناصبهم أو يلجؤون إلى الفرار ؟ ... فأمرهم بالبقاء وضرب لهمخ المثل بنفسه ووقف في صف
المحاربين الأحرار مدة أربعة عشر شهرًا صابرًا لحوادثِ التدمير والتخريب ِ إلى أن أدركه حمام الموت فمات
مكافحًا شهيدَ الوطنية والعقيدة يوم 29 أوت 430 م ، وبموته سقطت الجزائر بيد الفاندال ، فكان
أوغسطين بحق أحد عباقرة الفكر بالجزائر ومن ازعماء الوطنيين الأحرار . | |
|