حسنا إذن، إنه اليوم الوطني للسياحة في الجزائر، هذا العام جاءت المناسبة تحت شعار “السياحة قضية الجميع”، قضية السلطات السياسية، المستثمرين الاقتصاديين الخواص، المؤسسات الإعلامية والصحفيين، والمجتمع.. صحيح أن الجزائر بلد جميل، ولكن السياحة ليست الجمال وحده، ولا يمكن أن ينجح مشروع جعل الجزائر بلدا سياحيا إلا إذا عمل الجميع على ذلك.
سأبدأ بطرح دور الإعلام في قضية السياحة، لأنني مغتاظ جدا كما قلت بالأمس في الفايسبوك مما سينجم عن تلك الرحلة التي استمتع بها عدد كبير من الصحفيين إلى تونس، أقول أنني مغتاظ مما نجم وسينجم وليس من الصحفيين (هنيئا لهم) وليس من تونس لأن لها دورا كبيرا في الترويج للسياحة بها ومن حقها فعل ذلك، ونتمنى لها كل الخير صراحة، ولكن أتكلم عما رأيناه بجرائدنا الكثيرة التي تحدثت في ريبورتاجات مطولة تحت شعار “هذا العام.. تحلى تونس”، أتساءل هل ليس من دور الإعلام الترويج للسياحة الداخلية؟ بالطبع لا، بل هناك دور كبير يقع على عاتقه فالسياحة تبنى على الترويج لها.. هناك أمور كثيرة تتحكم في الوضع، إنه المال والإشهار وأشياء أخرى خفية.
مهمة المجتمع أيضا كبيرة كما يشدد عليه البعض، لأن مجتمعا تغيب فيه ثقافة خدمة الآخر مجتمع لا يمكن أن يتبنى قضية السياحة، مجتمع تحضر به الجريمة بقوة لا يمكن أن يفوز بعائدات السياحة، مجتمع يتطاول عليك في الأسعار ينفر السائح ولو مشى بعقلية الصحراوي الذي يبيع كؤوس الشاي لكان النجاح حليفه بدون شك، ومجتمع لا يمشي بعقلية تجارية لا يمكنه أن يبني بلدا سياحيا.. كما أن المجتمع يتمثل أيضا في جمعياته السياحية والثقافية والبيئية، حيث تعمل هذه الأخيرة (الجمعيات) على توفير مختلف الأطر الملائمة، من بيئة نظيفة تعطي نظرة جميلة للسائح، وإبراز قدرات ثقافية واجتماعية تحبب المجتمع الجزائري بعاداته وتقاليده للسائح الأجنبي.
سيقول قائل كيف نروج لسياحة لا تكسب مرافق لاستضافة السياح، فالسياحة ليست مناظر جميلة وإنما هي صناعة تتدخل فيها كل الأشغال التنموية الأخرى، نعم إنه دور المستثمرين الاقتصاديين الخواص، في هذه النقطة نلاحظ استدراك العديد من رجال الأعمال لأهمية السياحة في تعاملاتهم، ونرى مشاريع كثيرة في طريق الإنجاز، ولكن أمام ذلك يجب على الدولة توفير المناخ الملائم لهذه المؤسسات الاقتصادية، والوقوف في وجه أي معرقلات للاستثمارات السياحية سواء الأجنبية أو الوطنية.
مهمة دولة وسلطات سياسية وإدارية نعم، ولكن ليس بمجرد الحديث اليومي والجري الماراطوني عبر الولايات من طرف السلطات الوصية، بينما لا يظهر من العمل شيء في الأفق، إذا كانت الدولة أيضا تريد أن تصبح السياحة موردا اقتصاديا يساهم في التنمية المستدامة لها، ينبغي عليها تسهيل الحصول على التأشيرات للأجانب، إضافة إلى فتح المجال الخاص أمام الطيران المدني، يجب على الدولة الاهتمام بالعمران، والاهتمام بالبيئة ونظافة المحيط حتى لا يتقزز السائح من شوارع مدننا..
شيء آخر، وزير السياحة إسماعيل ميمون يؤكد دائما على ضرورة تطوير السياحة وترقيتها لتكون في مصاف القطاعات الخلاقة للثروة الاقتصادية، ولكن أمام كل تلك المخططات التوجيهية التي نقرأ عنها كل يوم، وأما المبادرات الحقيقية من طرف الخواص هناك أطراف خفية لا تريد لهذا القطاع النهوض لأنها مهتمة ببطونها فقط، خصوصا مع وجود مورد اقتصادي هام للجزائر يغني اليوم فقط (يعني على حساب ما يقدروا يعيشوا هم فقط).
في الأخير ، هناك فكرة أعتقدها جميلة، إذا كان اليوم الوطني للسياحة الذي دأبت الجزائر على الاحتفال به كل عام في 25 جوان هو يوم لبداية الموسم السياحي وللترويج للسياحة، أتمنى أن لا تقتصر فعالياته في الأعوام القادمة على كافة الولايات في الجزائر، ولكن أن نذهب بعيدا برؤية بعيدة تتوجه إلى دول أخرى بإقامة معارض ترويجية في عواصم عالمية، بمناسبة اليوم الوطني للسياحة في الجزائر.. عندها سنقول أننا نريد السياحة عندناjavascript:emoticonp('
')