بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينهُ، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا. من يهدِه اللهُ فلا مضلَ له، ومن يضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إِلـهَ إِلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه ومن تبعهم بإِحسانٍ إلى يومِ الدين وسلَّم تسليماً.
أما بعد:
صحابة نزل
فيهم قرآن
أبو بكر الصديقأنفق أبوبكر الصديق - رضي الله عنه- معظم ماله في شراء من
أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب
الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال
بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس
فنزل فيه قوله تعالى:
{وسَيُجَنَّبُها الأتْقَى الذِيِ يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكّى ... } سورة الليل ( آية 17-21 )
ولقد سجل القرآن الكريم شرف الصحبة لأبي بكر الصديق - رضي الله
عنه - مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أثناء الهجرة الى المدينة
المنورة ، فقال تعالى :
{ ثَانِي اثْنَيْن إذْ هُمَا فِي الغَارِ ، إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنَّ اللّهَ مَعَنَا } ( سورة التوبة آية 40 )
سعد بن أبى وقاصبعد أن أسلم سعد بن أبي وقّاص ، سمعت أمه بخبر اسلامه حتى ثارت
ثائرتها فأقبلت عليه تقول
يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته
فصرفك عن دين أمك و أبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا
أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزنا علي ويأكلك الندم على فعلتك
التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر ) ، فقال
لاتفعلي يا أماه فأنا لا
أدع ديني لأي شيء ) ، إلا أن أمه اجتنبت الطعام ومكثت أياما على
ذلك فهزل جسمها وخارت قواها ، فلما رأها سعد قال لها: ( يا أماه
اني على شديد حبي لك لأشد حبا لله ولرسوله ووالله لو كان لك ألف
نفس فخرجت منك نفسا بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء) فلما رأت
الجد أذعنت وأكلت وشربت
ونزل قوله تعالى:
{وَوَصّيْنَا الإنْسانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْناً على وَهْن وفِصَاله في
عامَيْن أن اشْكُر لي ولوالدَيْكَ إليّ المَصير وإن جاهَدَاك على أن
تُشْرِك بِي ما ليْسَ لك بِهِ عِلم فلا تُطِعْهما وصَاحِبْهُما في الدنيا مَعْروفـا
واتّبِع سَبيـل مَنْ أنابَ اليّ ثُمّ إليّ مَرْجِعكـم فَأنَبّئَكـم بما كُنْتُم تعملـون }
سورة لقمان ( آية 14 - 15)
صهيب بن سنان الروميحين هاجر صهيب بن سنان الرومي من مكة إلى المدينة ، أدركه
قناصة قريش ، فصاح فيهم
يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من
أرماكم رجلا ، وأيم الله لا تصلون الي حتى أرمي بكل سهم معي في
كنانتي ثم أضربكم بسيفي ، حتى لا يبقى في يدي منه شيء ، فأقدموا
ان شئتم ، وان شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني )، فقبل
المشركين المال وتركوه قائلين
أتيتنا صعلوكا فقيرا ، فكثر مالك
عندنا ، وبلغت بيننا ما بلغـت ، والآن تنطلق بنفسـك و بمالـك ؟؟)،
فدلهم على مالـه وانطلق الى المدينـة ، فأدرك الرسول -صلى الله عليه
وسلم- في قباء ،ولم يكد يراه الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- حتى ناداه متهللا :
( ربـح البيع أبا يحيى ، ربح البيع أبا يحيى ).
فنزل فيه قوله تعالى :{ ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشري نَفْسه ابتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللّهِ
، واللّهُ رَءُوفٌ بِالعِبَـاد } سورة البقرة ( آية 207 ).
العباس بن عبد المطلبفي يوم بدر ، أسِرَ العباس بن عبد المطلب عمِّ رسول الله -صلى الله
عليه وسلم - ، وحين تقرر أخذ الفدية قال الرسول - صلى الله عليه
وسلم- للعباس
يا عباس ، إفد نفسك ، وابن أخيك عقيل بن أبي
طالب ، ونوفل بن الحارث ، وحليفك عتبة بن عمرو وأخا بني الحارث
بن فهر ، فإنك ذو مال (وأراد العباس أن يغادر من دون فدية فقال :
( يا رسول الله ، إني كنت مسلما ، ولكن القوم استكرهوني) وأصر
الرسول على الفدية ، ونزل القرآن بذلك قال تعالى :
{ يا أيُّها النَّبِي قُـلْ لِمَن فِي أيْدِيكُم مِنَ الأسْرَى إن يَعْلَم اللّهُ فِي قُلُوبِكُم
خَيْرَاً يُؤْتِكُم خَيْرَاً مِما أُخِذَ مِنْكُم ويَغْفِر لكُم واللّهُ غَفُورٌ رَحِيم )
(سورة الأنفال - آية 7) وهكذا فدا العباس نفسه ومن معه وعاد الى
مكة ، ولم تخدعه قريش بعد ذلك أبدا
أَبِو عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاحَقَالَ اِبْن مَسْعُود : قَتَلَ أَبِو عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح أَبَاهُ عَبْد اللَّه بْن الْجَرَّاح
يَوْم أُحُد وَقِيلَ : يَوْم بَدْر . وَكَانَ الْجَرَّاح يَتَصَدَّى لِأَبِي عُبَيْدَة وَأَبُو عُبَيْدَة
يَحِيد عَنْهُ , فَلَمَّا أَكْثَرَ قَصَدَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَة فَقَتَلَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه حِين قَتَلَ
أَبَاهُ : { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُون بِاللّهِ واليَومِ الآخِر يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّهَ
ورَسُوله ولو كانُوا آباءَ هُم أو أبْنَاءَ هم أو إخْوَانَهُم أو عَشِيرَتَهُم أولئِكَ
كتبَ في قُلوبِهم الإيمَان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ
اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(سورة المجادلة آية 22 )
عبادة بن الصامتكانت عائلة عبادة بن الصامت مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم
، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد ، فشرع
اليهود يتنمرون ، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين ، فينبذ عبادة
عهدهم وحلفهم قائلا
إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين)، فيتنزل
القرآن محييا موقفه وولائه، قال تعالى :{ومن يَتَولّ اللّهَ ورَسُوله
والذين آمنوا فإنّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الغَالِبُون } (سورة المائدة آية 56 )
طلحة بن عبيد اللهفي غزوة أحد ، رأى طلحة بن عبيد الله رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- والدم يسيل من وجنتيه ، فجن جنونه وقفز أمامه يضرب
المشركين بيمينه ويساره ، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله
بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ، ويقول أبو بكر -رضي الله عنه-
عندما يذكر أحُداً
ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى
النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي الرسول ولأبي عبيدة بن الجراح
دونكم أخاكم )، ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة
وضربة ورمية ، واذا أصبعه مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه ).
وقد نزل قوله تعالى :{ مِنَ المُؤْمنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدوا اللّه عَليه
فمنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَه ، ومِنْهُم مَنْ يَنْتَظِر ، ومَا بَدّلوا تَبْدِيلا }.
( سورة الأحزاب آية 23 ).
تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية ثم أشار الى طلحة قائلا
من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ،
فلينظر الى طلحة )
شهداء أحدعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا أُصِيبَ
إِخْوَانكُمْ يَوْم أُحُد جَعَلَ اللَّه أَرْوَاحهمْ فِي أَجْوَاف طَيْر خُضْرٍ تَرِد أَنْهَار
الْجَنَّة وَتَأْكُل مِنْ ثِمَارهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيل مِنْ ذَهَبٍ فِي ظِلّ الْعَرْش فَلَمَّا
وَجَدُوا طِيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَحُسْن مَقِيلهمْ قَالُوا يَا لَيْتَ إِخْوَاننَا
يَعْلَمُونَ مَا صَنَعَ اللَّه بِنَا لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد وَلَا يَنْكُلُوا عَنْ الْحَرْب
فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا أُبَلِّغهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَات :
{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ
يُرْزَقُونَ * فَرِحينَ بِمَا أتَاهُم الله مِن فَضْلِه ويَسْتَبْشِرون بالذين لمْ
يَلحَقُوا بِهم مِن خَلفِهم ألا خَوْف عليهم ولا هُم يَحْزَنُون *} سورة آل
عمران ( آية 169-170 ). وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَد وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير
قول المؤمنين فى حادثة الافك
خلال حادثة الإفك ، قالت أم أيوب لأبي أيوب الأنصاري
ألا تسمع
ما يقول الناسُ في عائشة ؟)، قال
بلى ، وذلك كذب ، أفكنتِ يا
أم أيوب فاعلة ذلك ؟)، قالت
لا والله ) ، قال
فعائشة والله
خير منكِ )، فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك ، ذكر قول المؤمنين
الصادقين، قال اللـه تعالى
لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُـوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُـونَ
والمُؤْمِنَاتِ بِأنْفُسهم خَيْـرَاً ، وقَالـوا هذا إفْكٌ مُبِيـن )
(سورة النور آية 12 )
كعب بن مالك - مرارة بن الربيع - هلال بن أميةتخلف ثلاثة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك
ومنهم كعب بن مالك ، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصحابة
أن لا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة،
وتغير لهم الناس، حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت،
وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن قضوا أربعين
ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم، حتى تمت على
مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل اللَّه توبتهم: أنزل الله تعالى :
{ وعلى الثلاثَةِ الذين خُلّفوا حتى إذا ضاقَت عليهم الأرض بما رَحِبَت
وضاقت عليهم أنْفُُسهم وظنوا أن لا ملجَأ مِنَ اللّه إلا إليْه ثمَّ تَابَ عَلَيْهم
ليَتُوبوا إن اللّهَ هو التّوّابّ الرّحيم } ( سورة التوبة 118 )
زيد بن حارثةتبنى الرسول - صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة ثم زوجه من ابنة
عمته ( زينب ) ، ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر ، فانفصل زيد عن
زينب ، وتزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى
وإذْ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسكْ عليك
زوجكَ واتقِ اللهَ وتُخْفي في نفسكَ ما اللهُ مُبْدِيه وتَخْشى الناس والله
أحقُّ أن تخْشَاهُ ، فلمّا قضى زَيْدٌ منها وَطَراً زَوَّجْنَاكها لكي لا يكون على
المؤمنيـن حَرَجٌ في أزواج أدْعيائهـم إذا قضوا منهنّ وَطَـراً ، وكان أمْـرُ
اللـهِ مَفْعـولاً ). سورة الأحزاب ( آية 37 )
وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة : كيف يتزوج محمد مطلقة ابنه
زيد ؟ فأجابهم القرآن ملغيا عادة التبني ومفرقا بين الأدعياء والأبناء
قال تعالى
مَا كانَ مُحَمْداً أبَا أحَدٍ مِنْ رِجَالِكُم ، وَلكِن رَسُول اللّهِ ،
وخَاتِم النّبِيّين ( سورة الأحزاب ( آية 40 ) . وهكذا عاد زيد الى اسمه الأول ( زيد بن حارثة ( .
عبد الله بن رواحة
نزل قوله تعالى : { والشّعراء يَتْبَعْهُم الغَاوُون } (الشعراء آية 224)
فحزن الشاعر عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - ولكنه عاد وفرح
عندما نزلت آية أخرى قال تعالى :{ إلا الذينَ آمَنُـوا وعَمِلُـوا الصّالحات
وذَكَـرُوا اللّهَ كَثِيراً وانْتَصَـرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا }
(سورة الشعراء آية 227
خباب بن الأرت
كان خباب بن الأرت رجلاً قَيْنـاً ، وكان له على العاص بن وائل دَيْـنٌ ،
فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص
لن أقضيَـكَ حتى تكفر بمحمد ) ،فقال
خباب
لن أكفر به حتى تموتَ ثم تُبْعَثَ )، قال العاص : (إني لمبعوث
من بعد الموت ؟! فسوف أقضيكَ إذا رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ ؟! )
فنزل فيه قوله تعالى
أفَرَأيْتَ الذَي كَفَرَ بِآياتنا وقال لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً
*أَطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عند الرحمنِ عَهْداً * كلاّ سَنَكتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له
من العذاب مَدّا *و َنَرِثُهُ ما يقولُ ويَأتينا فرداً )
(سورة مريم آيات 77-80 )
جُلاس بن سويد بن الصامت
لم يكن عُمير بن سعد يؤثر على دينه أحد ولا شيئا ، فقد سمع قريبا له
يقول
لئن كان الرجل صادقا ، لنحن شرٌّ من الحُمُر !)وكان
يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان جُلاس دخل الإسلام
رَهَبا ، سمع عُمير هذه العبارة فاغتاظ واحتار ، أينقل ما سمع للرسول
؟ كيف والمجالس بالأمانة ؟ أيسكت عما سمع ؟ ولكن حيرته لم تطل
، وتصرف كمؤمن تقي، فقال لجُلاس
والله يا جُلاس إنك لمن أحب
الناس إلي ، وأحسنهم عندي يدا ، واعَزهم عليّ أن يُصيبه شيء
يكرهه ، ولقد قلت الآن مقالة لو أذَعْتها عنك لآذتك ، ولو صمَتّ عليها
ليهلكن ديني وإن حق الدين لأولى بالوفاء ، وإني مُبلغ رسـول اللـه ما قلت )
بيد أن جُلاس أخذته العزة بالإثم ، وغادر عمير المجلس وهو يقول :
( لأبلغن رسول الله قبل أن ينزل وحي يُشركني في إثمك )وبعث
الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- في طلب جُلاس فأنكر وحلف باللـه
كاذبا ، فنزلت آية تفصل بين الحق والباطل ، قال تعالى
يَحْلِفُون
بِاللهِ مَا قَالوا ، ولقَدْ قَالوا كَلِمَة الكُفْرِ ، وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِم وهَمّوا بِما
لَمْ يَنالوا ، ومَا نَقموا إلا أن أغْنَاهم اللهُ ورَسُولُه مِنْ فَضْله ، فإن
يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لهم ، وإن يتولّوْا يُعَذِّبْهُم اللهُ عَذَاباً أليماً في الدنّيا
والآخرةِ ، وما لهُم في الأرضِ مِنْ وَليٍّ ولا نَصير ) سورة التوبة
آية ( 74 )، فاعترف جُلاس بما قاله واعتذر عن خطيئته ، وأخذ
النبي بأُذُن عمير وقال له : يا غُلام ، وَفَت أذُنك ، وصَدّقت ربّك )
ثابت بن قيس
لمّا نزلت الآية الكريمة
انّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُور ).
(سورة لقمان آية 18 ).
أغلق ثابت بن قيس باب داره وجلس يبكي ، حتى دعاه رسول الله –
صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله ، فقال ثابت
يا رسول الله ،
اني أحب الثوب الجميل ، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من
المختاليـن )، فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك
راضيا
انك لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير وتدخل
الجنة ) ولما نزل قول الله تعالى : يا أيُّها الذِينَ آمَنُوا لاتَرْفَعُوا أصْوَاتَكُم فَوْقَ
صَوْتَ النّبِي ، ولا تّجْهّروا له بالقَوْلِ كجَهْرِ بَعْضكم لبَعْض أن تَحْبِطَ
أعْمَالكُم وأنتُمْ لا تَشْعُرون ) ( سورة الحجرات آية 2 ) أغلق ثابت عليه
داره وطفق يبكي ، وأرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم - من يدعوه
وجاء ثابت وسأله النبي عن سبب غيابه ، فأجابه :
( اني امرؤ جهيـر الصوت ، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا
رسـول اللـه ، واذن فقد حبط عملي ، وأنا من أهل النار )، وأجابه
الرسـول - صلى اللـه عليه وسلم (انك لست منهم بل تعيش حميدا
وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة )
فقال : رضيتُ ببُشرى الله ورسوله ، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول
الله ). فنزلت الآية الكريمة :
( إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عندَ رَسولِ الّله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلوبَهُم للتَّقْوَى ، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ )
( سورة الحجرات آية 3 )
عوف بن مالك الأشجعي
قال محمد بن إسحاق: جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: له أسر ابني عوف. فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "أرسل إليه أن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول: لا حول ولا
قوة إلا بالله". وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القِد عنه، فخرج، فإذا هو
بناقة لهم فركبها، فتغفل عنه العدو، فاستاق غنمهم، فجاء بها إلى أبيه،
وهي أربعة آلاف شاة. فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب، فإذا
عوف قد ملأ الفناء إبلا فقص على أبيه أمره وأمر الإبل، فقال أبوه: قفا
حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عنها.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنع بها ما أحببت“،
ونـزلت
...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا
يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)( الطلاق 2- 3)