اضبط نفسك
إذا شاهدت أباك يقف باكيا على أنقاض بيته الذي قضى العمر في بنائه،
إذا رأيت أمك تلطم وجهها لأنها فقدت زوجها أو طفلا،
إذا نظرت الى وجه أخيك المتفحّم يحيط به الذباب وتغطي جثته الحجارة
اضبط نفسك
إذا شاهدت الشبان في المظاهرات يرشون بالمياه ويُقمعون بالهراوات من أبناء وطنهم،
إذا رأيت بعض المسؤولين يشاركون في المسيرات درءا للشبهة او طلبا لشعبوية رخيصة،
إذا نظرت الى الصف الاول من المتظاهرين وهم يشبكون الايدي ويتدافعون للظهور امام عدسات التلفزيون،
اضبط نفسك
إذا سمعت الحجج الواهية والسخيفة لعدم قطع العلاقات بداعي احترام المواثيق والتواقيع،
إذا قرأت التصريحات الحزبية التي تنادي بالتروي في حمل السلاح في حال حدوث الأسوأ أي التهجير،
إذا طالعت البيانات الثورية التي دعت الى ضبط النفس ثم غرقت وأغرقتنا في التفسيرات المتناقضة،
اضبط نفسك
لا تبكِ لا تحزن، لا تصرخ، لا تثْر، تسمّر مكانك فهم الأدرى والأعرف والأفهم والأذكى.
لا تخرج من ثيابك، لا تدق رأسك في الحائط، لا تنفجر، لا تتمزق فهم يتباحثون ويخططون ويدرسون وينتظرون اللحظة المناسبة كي لا يقفوا مكتوفي الأيدي.
لا تشعر بالقهر ولا بالاحباط ولا بالأسى فهم يسعون ويلتقون ويناقشون بل ويتوسلون فماذا يستطيعون أكثر من ذلك
اضبط نفسك
انتقل من البداوة الى الحضارة، ومن العاطفة الى العقل، ومن الحماقة الى التبصّر، ومن الاندفاع الى التروي
حضّر نفسك منذ اليوم لآلاف المقالات ومئات الكتب التي ستوجّه اللوم والنقد والتأنيب والوعظ اليك لقصور ثقافتك وعدم استيعابك للحضارة الحديثة وسلفيتك وعِقَدك،
زرر جاكيتتك واعقد ربطة عنقك وقف في الصف فلم يحن وقت ذبحك بعد. فقط ربما، اذا صمتّ وصرفت اسنانك واطبقت فمك ولم تنبس ببنت شفة ربما، فقط ربما، يعفو عنك ساكن البيت الابيض المغمس بدم الانتفاضة والبترول العربي..
اضبط نفسك فأنت في الوطن العربيjavascript:emoticonp('
')