منتدى متوسطة الورود-الدارالبيضاء-الجزائر
حللتم اهلا ونزلتم سهلا
منتدى متوسطة الورود-الدارالبيضاء-الجزائر
حللتم اهلا ونزلتم سهلا
منتدى متوسطة الورود-الدارالبيضاء-الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى متوسطة الورود-الدارالبيضاء-الجزائر

منتدى تعليمي يهدف إلى بعث رسالة تعليمية معاصرة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواضيع مماثلة
    الساعة
    المواضيع الأخيرة
    » قصيدتي التي ابكت الاساتذة و ضحكت المدير
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالسبت يناير 26, 2013 7:15 am من طرف alilicheliza

    » ضحايا بلا دماء
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالأربعاء يناير 09, 2013 2:12 am من طرف oussama samsoum

    » كل تعبيره عن الجمل ههههههههه
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالثلاثاء يناير 08, 2013 12:19 pm من طرف oussama samsoum

    » موضوع عن الحياة (من الطارق)
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالسبت ديسمبر 29, 2012 5:40 am من طرف hadjer nini

    » عقارب الزمن وزمن العقارب
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 28, 2012 4:39 am من طرف hadjer nini

    » عذرا لم يتم العثور على انسان
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 28, 2012 4:33 am من طرف hadjer nini

    » عجائب الاستغفار سبحان الله
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 4:28 am من طرف hadjer nini

    » عجائب اللغة العربية
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 4:21 am من طرف hadjer nini

    » لاصار زمانك ضدك
    الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2012 4:12 am من طرف hadjer nini

    أنت الزائر رقم:

    .: عدد زوار المنتدى :.

    الشروق"الاولى في المغرب العربي"








     

     الشامل في السيرة النبوية

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    بربري
    Admin
    Admin
    بربري


    عدد المساهمات : 197
    تاريخ التسجيل : 14/08/2010
    العمر : 37

    الشامل في السيرة النبوية Empty
    مُساهمةموضوع: الشامل في السيرة النبوية   الشامل في السيرة النبوية Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2010 8:13 am

    السل
    ام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    تعريف السيرة وأهميتها

    تعريف السيرة النبوية

    ‏ - السيرة لغة :

    تعني السّنة والطريقة، والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره. يُقال فلان له سيرة حسنة، وقال تعالى: (سنعيدها سيرتها الأولى) (طه:21).‏

    ‏ - السيرة اصطلاحًا:

    السيرة اصطلاحًا تعني قصة الحياة وتاريخها، وكتبها تسمّى: كتب السير، يُقال قرأت سيرة فلان: أي تاريخ حياته. والسيرة النبوية تعني مجموع ما ورد لنا من وقائع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخُلقية والخَلقية، مضافا إليها غزواته وسراياه صلى الله عليه وسلم.

    ‏ أهمية السيرة ومكانتها:

    ‏ 1- السيرة النبوية هي السبيل إلى فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد عبقري سمت به عبقريته، ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحي من عنده.

    ‏ 2- تجعل السيرة النبوية بين يدي الإنسان صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، يتمسك به ويحذو حذوه، فقد جعل الله تعالى الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم قدوة للإنسانية كلها، حيث قال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) (الأحزاب:21).‏

    ‏ 3- السيرة النبوية تعين على فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، فكثير من آيات القرآن الكريم إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ‏ 4- السيرة النبوية صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه، فهي تكوّن لدى دارسها أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية، سواء ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق.

    ‏ 5- السيرة النبوية نموذج حي عن طرائق التربية والتعليم، يستفيد منه المعلم والداعية المسلم. فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم معلمًا ناجحًا ومربيًا فاضلاً، لم يأل جهدًا في تلمس أجدى الطرق الصالحة في التربية والتعليم، خلال مختلف مراحل دعوته.

    ‏ 6- من خلال السيرة نتعرّف على جيل الصحابة الفريد، الذي كـان صدى للقرآن، وكان التطبيق العملي لحكم الله أمرًا ونهيًا.

    ‏ 7- تمتاز سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها نُـقلت إلينا كاملة في كلياتها وفي جزئياتها، ولا تملك الإنسانية اليوم سيرة شاملة لنبي غير السيرة النبوية على صاحبها صلوات الله وتسليمه.
    ........................................................................................
    نَسَبُه صلى الله عليه وسلم:‏

    الرسول صلى الله عليه وسلم هو: (محمــد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشــم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان) (رواه البخاري) ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام.‏

    وأبوه: عبد الله بن عبد المطلب، كان أجمل قريش (قبيلة قريش) وأحب شبابها إليها، عاش طاهرًا كريمًا حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم.‏

    وأمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أبوها سيد بني زهرة.‏

    وجدّه: عبد المطلب بن هاشم، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوافرة، وقوة إرادته، وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر (زمزم) التي تسقي الناس بمكة المكرمة إلى يومنا هذا.‏

    مولده صلى الله عليه وسلم:‏

    ولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، من عــام الفيل، وقصة أصحاب الفيل معروفة ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل(1ـ5)، وذلك أن أبرهة ملك اليمن أراد أن يهدم الكعبة (بيت الله الحرام في مكة) فساق إليها جيشًا عظيمًا ومعهم فيل، فردّ الله كيدهم وحفظ الكعبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال جنينًا في بطن أمه التي رأت حين وضعته نورًا خرج منها أضاءت منه قصور بُصرى من أرض الشام.‏

    ومات أبوه عبد الله، وهو لا يزال جنينًا في بطن أمـــه، فلما ولد كان في حجر جده عبد المطلب يرعاه وينظر حاجته هو وأمه.‏

    مرضعاته صلى الله عليه وسلم:‏

    جاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم، فكان الرضيع المبارك من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، واسم زوجها أبو كبشة، ودرّت البركات على أهل ذاك البيت الذين أرضعوه مدة وجوده بينهم، وقد مكث فيهم ما يربو على أربع سنوات.‏

    وقد صحّ أن ثويبة -مولاة أبي لهب- أرضعته قبل أن تذهب به حليمة السعدية.‏

    معجزة شق صدره صلى الله عليه وسلم:‏

    وقعت هذه المعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين، الأولى في بادية بني سعد وهو عند مرضعته حليمة، وكان في الرابعة من عمره.‏

    وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمه -أي جمعه وضم بعضه إلى بعض- ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه -يعني ظِئْره أي مرضعته- فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنتُ أرى أثر المخيط في صدره) .‏

    وأما المرة الثانية التي وقعت فيها تلك المعجزة فقد كانت في ليلة الإسراء كما روى ذلك البخاري ومسلم .‏
    من بعثته صلى الله عليه وسلم إلى هجرته إلى المدينة ‏

    بدأ الوحي: ‏

    عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: أول ما بُدِئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه - أي يتعبّد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطّني - أي ضمّني ضماً شديداً - حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطّني الثالثة، ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.) (العلق/ 1-3)، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زمّلوني - أي ضعوا عليّ غطاءً - ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع - يعني الخوف -، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ -أي المريض المتعب -، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق - يعني الموت -. ‏

    فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، ابن عم خديجة، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ماشاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن العم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة: هذا النّاموس الذي نزّل الله على موسى - يعني جبريل عليه السلام-، يا ليتني فيها جذعٌ - أي شاب -، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب - يلبث - ورقة أن توفي، وفتر الوحي - أي انقطع فترة -.(رواه البخاري ومسلم).‏

    تتابع نزول الوحي وكيفيته :‏

    ‎‎ استمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبده في غار حراء، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى: (يا أيها المدثر). ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون: قد ودّع محمداً ربُّه، فأنزل الله عز وجل (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (الضحى/ 1-3). ‏

    وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به، فنزلت الآية: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة/9).‏

    ‏ وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس - وهو أشد الوحي عليه - فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول. والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة، وعشر سنين بالمدينة.

    أوائل المسلمين إسلاماً:‏

    كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن، ثم آمن من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وزيد بن حارثة، وبلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وعمرو بن عبسة السلمي، وأبو ذر الغفاري، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن مظعون، وسعيد بن زيد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت الخطاب، وخلق آخرون، ثم عمر بن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه، رضي الله عنهم أجمعين. ‏

    وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً ، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات . ‏
    مرحلة المدنية[b]

    يمكن تقسيم المرحلة المدنية إلى ثلاث فترات: ‏

    * ‏1- فترة أثيرت فيها القلاقل والفتن من الداخل، وزحف الأعداء من الخارج لاستئصال المسلمين، وتنتهي هذه الفترة عند صلح الحديبية في سنة ست من الهجرة.
    * ‏2- فترة الهدنة مع المشركين وتنتهي بفتح مكة سنة ثمان للهجرة، وفيها كانت دعوة الملوك إلى الإسلام.
    * ‏3- فترة دخول الناس في دين الله أفواجاً، وتمتد هذه الفترة إلى انتهاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة إحدى عشرة للهجرة.

    أولاً: فترة القلاقل والفتن (1هـ -6هـ)‏

    الوضع في المدينة عند الهجرة:

    تمثل الهجرة تحولاً ضخماً لإقامة مجتمع جديد في بلد آمن، ولذلك كانت الهجرة قبل الفتح - فتح مكة- فرضاً على كل مسلم قادر، ليسهم في بناء هذا الوطن الجديد، ومن هنا نرى أهمية التأريخ للإسلام بالهجرة ذلك الحدث العظيم. ‏

    أما مجتمع المدينة الجديد فقد كان يتألف من ثلاث فئات: ‏

    * ‏1- من المسلمين المهاجرين الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والأنصار الذين آووا ونصروا.
    * ‏2- ومن المشركين الذين لم يؤمنوا بعد من قبائل المدينة.
    * ‏3- ومن اليهود، وكان في يثرب منهم ثلاث قبائل، بنو قينقاع، وبنو النّضير، وبنو قريظة.

    وكانت تواجه الرسول صلى الله عليه وسلم عدة قضايا في بداية الهجرة وفي تلك الفترة بالذات منها: ‏

    * ‏1- تكوين مجتمع إسلامي بالمدينة يمثل الدعوة الإٍسلامية ويتكامل فيه التشريع والتقنين والتربية، وتنهض فيه الحضارة والعمران والاقتصاد والسياسة ومسائل السلم والحرب.
    * ‏2- دعوة مشركي المدينة إلى الإسلام، وإيجاد صيغة للتعايش معهم حتى يدخلوا في الإسلام ويكفّوا أيديهم عن الكيد للمسلمين.
    * ‏3- مواجهة دسائس ومؤامرات اليهود وعتّوهم وفسادهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين.
    * ‏4- الإعداد والتجهيز للقوى المناوئة للإسلام خارج المدينة وعلى رأسها قريش، فحالة الحرب واقعة يقيناً بين هؤلاء الطغاة من أهل مكة وبين المسلمين في وطنهم الجديد.

    بناء مجتمع جديد:

    ‏1- بناء المسجد النبوي:

    ‎‎ كانت أول خطوة في هذا السبيل هي بناء المسجد النبوي كما تقدم، وبنى الرسول صلى الله عليه وسلم بيوتاً إلى جانبه، هي حجرات أزواجه التي انتقل إليها فيما بعد، وقد كان المسجد جامعة للإسلام، ومنتدى للتشاور وحلّ النزاعات، وقاعدة لإدارة المجتمع وشؤونه المتعددة، كنى لفقراء المهاجرين. ‏

    ‏2- المؤاخاة بين المسلمين:

    ‎‎ ومن أهم الأعمال في سبيل بناء المجتمع الجديد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، يقول ابن القيم: ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المساواة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام، إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عزّ وجلّ (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (الأنفال/ 75) رد التوارث، وبقي عقد الأخوة. ‏

    ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه، وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة عقداً نافذاً، لا لفظاً فارغاً، وعملاً يرتبط بالدماء والأموال، لا تحية تثرثر بها الألسنة ولا يقوم لها أثر. ‏

    ‎‎ وكانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال.
    غزوة بدر الكبرى

    سبب الغزوة:‏

    رجوع عير قريش من الشام محملة بثروات طائلة، وإرادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوجه ضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة لقريش إذا فقدت هذه الثروة. ‏

    الجيش الإسلامي في بدر:‏

    استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، وكان معهم فَرَسان وسبعون بعيراً يتعاقبون عليها، ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري. ‏

    وقسم الجيش إلى كتيبتين: ‏

    * ‏1- كتيبة المهاجرين وأعطى لواءها علي بن أبي طالب.
    * ‏2- كتيبة الأنصار وأعطى لواءها سعد بن معاذ.

    وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، أما القيادة العليا فكانت له صلى الله عليه وسلم، وانطلق الجيش يطلب عير قريش. ‏

    جيش المشركين في بدر:‏

    علم أبو سفيان - وكان على عير قريش - بخروج المسلمين إليه فأرسل إلى قريش يستنفرها، فتحفز الناس سراعاً ولم يتخلف من أشرافهم سوى أبي لهب، وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل، وكان معهم مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة، وقائدهم العام أبو جهل بن هشام.

    وخرج هذا الجيش بعدّته وعتاده، واتجه إلى الشمال، وعندما علم المشركون بنجاة قوافلهم بعد أن توجه بها أبو سفيان ناحية الساحل، همّ الجيش بالرجوع، ولكن أبا جهل أبى إلا أن يَرِد بدراً، فعاد ثلاثمائة من بني زهرة وانطلق الباقون. ‏

    الجيشان في المواجهة:‏

    تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر، وأخذ برأي الحباب بن المنذر في النزول على أدنى ماء من جيش مكة حيث يشرب المسلمون ولا يشرب المشركون، وبنى المسلمون عريشاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كمقر للقيادة، بناء على مشورة سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي قاد فرقة من شباب الأنصار يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم في عريشه. ‏

    وكان قد أنزل الله مطراً فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طهوراً أذهب عنهم رجس الشيطان، ووطّأ به الأرض، وصلّب به الرمل وثبّت به الأقدام ومهّد به المنزل وربط به على قلوبهم. ‏

    وغشّاهم النعاس فأخذوا قسطهم من الراحة، قال الله عز وجل: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) الأنفال/11، وكان هذا في رمضان من السنة الثانية للهجرة. ‏

    أما جيش المشركين فكان بالعدوة القصوى وكانوا ينزلون إلى وادي بدر دون أن يصيبوا الماء، وقامت معارضة من داخلهم تنادي بالعودة وترك المسلمين والقتال ولكنها ذهبت دون جدوى. ‏

    ‎‎ واصطف الجيشان وعدّل الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأصدر أوامره إلى أصحابه أن لا يبدءوا القتال حتى يتلقون الأمر، ودخل إلى العريش فاستقبل القبلة ودعا: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبدي الأرض". وأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) (الأنفال/ 9)، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يردد الآية الكريمة: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (القمر/45).‏

    ‏ وعلى صعيد المشركين وقف أبو جهل يستفتح: "اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم"، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم، وإن تعودوا نعد، ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين ) ( الأنفال/ 19). ‏

    بداية القتال في بدر وانتصار المسلمين:‏

    بدأ القتال بمبارزات فردية حيث تقدم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم وطلبوا مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة وعلياً وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وتمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل عليّ شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما الآخر، فعاونه حمزة وعلي فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين. ‏

    ‎‎ أثرت نتيجة المبارزة في المشركين وبدءوا الهجوم، فرماهم المسلمون بالنبل، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصى في وجوه المشركين، والتقى الجيشان في ملحمة قتل فيها سبعون من المشركين، على رأسهم أبو جهل فرعون هذه الأمة، وأمية بن خلف رأس الكفر، وأُسر سبعون وانتصر المسلمون بفضل الله عز وجل، قال تعالى: ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) (آل عمران/ 123).‏

    ‏ ومما روي في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خفق خفقة في العريش ثم انتبه، فقال: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل معتجر بعمامة (أي لفّها على رأسه) آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النّقع (الماء المتجمع في الغدير) أتاك نصر الله وعِدَتُه (وعده). وقد ثبت في القرآن والسنة مشاركة الملائكة في القتال يوم بدر. ‏

    وفرّ المشركون لا يلوون على شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر فأُلقوا فيها، وأقام ببدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها وهم أربعة عشر شهيداً. ‏

    الأسرى والغنائم ‏

    ‎‎ استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر فيما يصنع بالأسرى، فأشار أبو بكر بأخذ الفدية منهم، وعلل ذلك بقوله: " فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام"، وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم "فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها".

    ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر بقبول الفدية، وقبلها فعلاً، فنزلت الآية موافقة لرأي عمر، قال تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم) (الأنفال/ 67). ‏

    ‎‎ أما الغنائم فلم يكن فيها حكم للشرع فنزل قول الله عز وجل: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) (الأنفال/ 1)، وقوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال/ 41)، فأخرج الرسول صلى لله عليه وسلم الخمس من الغنيمة ثم قسمها بين المقاتلين. ‏

    غزوة بدر في التاريخ:‏

    لقد كانت موقعة بدر- رغم صغر حجمها - فاصلة في تاريخ الإسلام، لذلك سماها الله عز وجل في كتابه "يوم الفرقان"، لأنه فرق بها بين الحق والباطل، وقد استحق المقاتلون ببدر أن ينالوا التقدير الكبير الذي صار يلازم كلمة "البدري"، وفي البخاري: "جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تعدّون أهل بدر فيكم؟ قال: أفضل المسلمين، قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة"، وخلاصة القول أن بدراً كانت بداية لمرحلة جديدة من السيادة والاستعلاء والعزة للإسلام والمسلمين. ‏
    فترة دخول الناس في دين الله أفواجا (8هـ - 11هـ)‏

    ‎‎ تم فتح مكة ودانت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف العرب أن لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله أفواجاً، خاصة بعد غزوة حنين التي كانت عقب فتح مكة مباشرة

    غـزوة حنين

    ‎‎ كانت غزوة حنين بين قبيلة هوازن -وثقيف فرع منها- التي حشدت عشرين ألفاً معهم الأموال والنساء والأبناء تحت قيادة مالك بن عوف النصري، وبين المسلمين الذين لم يمض على فتحهم لمكة سوى نصف شهر، فكانوا مستعدين تماماً وبدءوا التحرك باتجاه حنين في الخامس من شوال،صلوا إليها في مساء العاشر من شوال، وكان عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، انضم إليهم ألفان من أهل مكة من مسلمة الفتح الذين سموا بالطلقاء (أي الذين أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم يوم الفتح)، وقد كان لهؤلاء الطلقاء تأثير سلبي على سير المعركة.

    سير المعركة في غزوة حنين:‏

    ‎‎ سبقت هوازن المسلمين إلى وادي حنين، ورتبوا صفوفهم ووضعوا خطتهم، وتقدم خيالة المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وبقية صفوف الجيش، وتراجعت هوازن في بداية القتال لكنها عادت فرشقت المسلمين بالسهام الكثيفة بصورة دقيقة، ففر الطلقاء والأعراب وبقية الجيش، ولم يبقى حول الرسول صلى الله عليه وسلم إلا فئة قليلة صمدت بصموده حتى نادى عليه الصلاة والسلام: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)، وأمر العباس فنادى في الناس، فتجمع لديه مائة أو أقل، ثم أخذ المهاجرون والأنصار بالعودة وهم يرددون لبيك لبيك، واشتد القتال من جديد، قال الله تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا) التوبة/ 26.‏

    ولم تصمد هوازن طويلاً فقد فرت من الميدان، وبلغ قتلى هوازن اثنين وسبعين قتيلاً في الميدان، وثلاثمائة قتيل خلال الفرار والهزيمة، وعدد آخر من القتلى، وأما السبي فقد بلغ ستة آلاف، وبلغت الغنائم مبلغاً عظيماً. أما المسلون فقد بلغ عدد الشهداء أربعة، وأصيب عدد من الصحابة بجروح.‏

    حصار الطائف:‏

    ‎‎ انطلق المسلمون إلى الطائف -التي تحصن فيها مالك بن عوف ومن بقي من هوازن- فحاصروها بضع عشرة ليلة، واشتد الحصار واستشهد اثنا عشر رجلاً من المسلمين مقابل ثلاثة قتلى فقط من المشركين، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم لثقيف بقوله: (اللهم اهد ثقيفاً) رواه الترمذي .‏

    ‎‎ وفك الرسول صلى الله عليه وسلم الحصار وعاد إلى الجعرانة حيث ترك غنائم حنين، فقسمها مراعياً تأليف قلوب الطلقاء والأعراب، وجاء وفد هوازن يعلن إسلامها فأعاد إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم السبي ورضيت نفوسهم بذلك، وجاء وفد ثقيف بعد ذلك يعلن إسلام ثقيف، فأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة الثقفي معهم إلى الطائف ليهدما (اللات) -وهي الصنم الذي كانوا يعبدونه- فهدماها، وبذلك انتهت أسطورة اللات التي عبدت طويلاً من دون الله تعالى.‏

    غزوة تبوك

    ‎‎ وقعت هذه الغزوة في رجب من عام تسع للهجرة، وفيها تحول المسلمون إلى الجهاد خارج الجزيرة بعد أن دانت الجزيرة للإسلام، وقد سارع الصحابة بتجهيز الجيش الذي سمى جيش العسرة -نظراً للضائقة الاقتصادية التي مر بها المسلمون- ، في حين تخلف المنافقون عنها وكانوا يقون: لا تنفروا في الحر.‏

    ‎‎ وقد بلغ عدد جيش تبوك أكثر من ثلاثين ألفاً، وهذا أكبر جيش قاده الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، وقد تخلف ثلاثة من الصحابة -وهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال ابن أمية- عن الجيش بدون عذر، وقصة تخلفهم وتوبتهم مشهورة في القرآن الكريم وكتب السيرة لسنة.‏

    العودة من تبوك:‏

    ‎‎ لم يقع قتال مع الروم في هذه الغزوة، وآثر حكام المدن الصلح على الجزية، وقد مكث الجيش عشرين ليلة ثم عاد إلى المدينة، وجاء المنافقون المتخلفون عن الغزوة فاعتذروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل منهم واستغفر لهم وبايعهم إلا ثلاثة سبق الإشارة إليهم، وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، وامتنع عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقاطعهم المسلمون إلى أن نزلت توبتهم في القرآن.‏

    ومن نتائج هذه الغزوة أنها وطدت سلطان الإسلام في شمال الجزيرة العربية ومهدت لفتوح الشام فيما بعد .‏

    عـام الوفـود

    ‎‎ سمى العام التاسع للهجرة بعام الوفود، حيث بدأت وفود القبائل العربية في التوافد على المدينة لإعلان إسلامهم ومبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر كتاب السيرة أن عدد الوفود بلغ ستين وفداً، ذكر منها البخاري وفد تميم، ووفد عبد القيس، ووفد بني حنيفة، ووفد نجران الذي لم يسلم ورضي بالجزية، ووفد الأشعريين وأهل اليمن، ووفد دوس، ووفد طيء، وعدي بن حاتم الطائي، وغير ذلك.‏

    حج أبي بكر بالناس عام 9 هــ ‏

    ‎‎ لم يحج الرسول صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولكنه اعتمر فقط ، وأمّر أبا بكر على الحج، فخرج في ذي الحجة إلى مكة على رأس ثلاثمائة من الصحابة ومعهم عشرون بدنة، ونزلت سورة براءة (التوبة) يوم النحر، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً برسالة إلى الناس يوم حج مفادها: (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته) رواه أحمد، وهذه مفاصلة مع المشركين آن أوانها بعد اثنين وعشرين عاماً من الدعوة والنبوة والوحي.‏

    حجــة الــوداع

    ‎‎ أعلن النبي صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج في العام العاشر، فتقاطر الناس من أرجاء الجزيرة العربية للحج معه، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة. ولما وقف في عرفة نزل قول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة/3.‏

    وقد تعلّم المسلمون مناسك الحج من النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة المباركة، التي بلغ عدد المسلمين فيها أربعين ألفاً، حيث استمعوا إلى خطبة الوداع التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات في وسط أيام التشريق، وجاء فيها:‏

    ‏(إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا ،ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ هاتين موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا: ربا عباس بن عد المطلب فإنه موضوع كله. واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد) رواه مسلم. ‏

    ‎‎ وفي بعض خطبه في منى قال صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري، وقد حفلت هذه الخطب بالأحكام والتوجيهات، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يودع الناس.
    وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

    ‎‎ ألمّ المرض بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة أم المؤمنين، وصح في البخاري أيضاً أن شكواه ابتدأت منذ العام السابع عقب فتح خيبر بعد أن تناول قطعة من شاة مسمومة قدمتها له زوجة سلام بن مشكم اليهودية، رغم أنه لفظها ولم يبتلعها لكن السم أثر عليه. وقد طلب صلى الله عليه وسلم من زوجاته أن يمرّض في بيت عائشة أم المؤمنين، فكانت تقرأ المعوذتين وتمسح عليه بيده هو صلى الله عليه وسلم لبركتها.‏

    ‎‎ ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، وراجعته السيدة عائشة رضي الله عنها، لئلا يتشاءم الناس بأبيها، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن. فأصرّ على ذلك، فمضى أبو بكر يصلي بهم) رواه ن كثير في البداية والنهاية.‏

    ‎‎ وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ على العباس وعليّ، فصلّى بالناس وخطبهم، وأثنى في خطابه على أبي بكر رضي الله عنه وبين فضله، وأشار إلى تخيير الله له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة، قال: (إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، ففطن أبو ب إلى أنه يقصد نفسه فبكى، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له) رواه أحمد.‏

    ‎‎ وعندما حضره الموت كان مستنداً إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه -من شدة الحمى- ويقول: ( لا إله إلا الله، إن للموت سكرات) رواه البخاري. وأخذته صلى الله عليه وسلم بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم)، ويقول: (اللهم في الرفيق الأعلى فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى) رواه البخاري.‏

    ودخلت عليه فاطمة فقالت: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت). رواه البخاري. وأخبرت رضي الله عنها -بعد وفاته- أنه صلى الله عليه وسلم أخبرها أنه يموت فبكت، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقاً به فضحكت.‏

    ‎‎ وقبض صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى -ورأسه في حجر عائشة- في يوم الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، ودخل أبو بكر رضي الله عنه، وكان غائباً في السنح، فكشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يقبله، وخرج إلى الناس، وهم ن منكر ومصدق من هول الموقف، فقال: أما بعد من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت، قال الله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً، وسيجزي الله الشاكرين)، فسكن الناس وجلس عمر رضي الله عنه على الأرض لا تحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (رواه البخاري).‏

    وبكت فاطمة رضي الله عنها أباها صلى الله عليه وسلم، وهي تقول:‏

    * ‎‎ يا أبتاه أجاب ربا دعاه
    * ‎‎ يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه
    * ‎‎ يا أبتاه إلى جبريل ننعاه

    ‎‎ وانتهت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تنته رسالته، فهي خالدة إلى يوم الدين، ولم تنقطع أمته فالخير فيها إلى يوم يبعثون، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الصادق الوعد الأمين، والحمد الله رب العالمين.
    شمائله صلى الله عليه وسلم

    الشمائل: الخصال الحميدة والطبائع الحسنة، وأضاف إليها بعض العلماء الصفات الخِلقية الظاهرة، وجعلها تابعة لأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك فكتب الشمائل تضم أمرين: ‏

    الأول: الصفات الخِلقية:‏

    ‎‎ فقد وهب الله سبحانه وتعالى لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من كمال الخِلقة، وجمال الصورة، وقوة العقل وصحة الفهم، وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، واعتدال الحركات، وشرف النسب ما بلغ به حدّ العظمة، وقد تقدم الحديث عن بعض تلك الصفات.

    الثاني: الصفات الخُلقية:‏

    ‎‎ الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل، والقدوة المطلقة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتحلى بالأخلاق الحميدة والآداب الشريفة، وقد بلغ حد الكمال والاعتدال فيها، حتى أثنى عليه الله سبحانه بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم/4، وقالت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم: (كان خلقه القرآن)، وهذا تصديق قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني لأتمم مكارم الأخلاق، وأكمل محاسن الأفعال).‏

    ‎‎ وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم المكارم كلها، ولا غرابة في هذا، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً) النساء/ 113، فإذا كان الله عز وجل هو الذي علمه وأدبه، فلا بد أن يكون المتعلم على أكمل وأتم وأحسن ما يكون التع.‏

    ‎‎ ولذلك لم تعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم زلة، ولا حُفظت عنه هفوة، وكان لا يزيد مع الإيذاء إلا صبراً، ولا مع إسراف الجاهل إلا حلماً، وكان كما تقول عائشة رضي الله عنها، لا ينتقم لنفسه أبداً، بل كان يدعو: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، وموقفه يوم فتح مكة مع المشركين يدل على هذا، فقد عفا عنهم، وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).‏

    ‎‎ وهذه بعض صفاته التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم:

    * ‏1- حلمه وعفوه.
    * 2- جوده وسماحته.
    * 3- شجاعته
    * ‏4- حياؤه.
    * 5- حسن عشرته وأدبه.
    * 6- شفقته ورأفته.
    * ‏7- وفاؤه وحسن عهده.
    * 8- تواضعه مع علو منصبه.
    * 9- عدله وأمانته
    * ‏10- وقاره.
    * 11- زهده.
    * 12- خوفه من ربه وطاعته له.

    ‎‎ وسيرته عليه الصلاة والسلام حافلة بالأمثلة والشواهد على ذلك، وقد حرص العلماء على إفراد شمائله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم بالدراسة والتأليف، وذلك لما لها من أهمية خاصة بالنسبة للمسلم. فمعرفة شمائله عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى امتلاء القلب بمحبته وتعظي، وذلك وسيلة إلى تعظيم شريعته واتباع هديه وسنته. ومن أقدم ما ألف في الشمائل كتاب الشمائل للإمام الترمذي رحمه الله تعالى.‏

    ‏فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قال تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صّلوا عليه وسلموا تسليماً) الأحزاب/ 56، والصلاة من الله تعالى معناها الرحمة وزيادة الإحسان، وهي من الملائكة استغفار، ومن البشر دعاء، لذا فإنه يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصلاة من الرحمة وزيادة الإحسان والاستغفار والدعاء ما هو أهل له صلى الله عليه وسلم.‏

    ‎‎ وقد بيّنت السنة الفائدة العظيمة والفضل الكبير الذي ينتظر من يصلي على الرسول الله صلى الله عليه وسلم، من رفع الدرجات والترقي في مراتب الكمال. روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشراً)، ومن السنّة أن يجمع المسلم بين الصلاة والسلام.‏

    ‎‎ ولذلك كان الحث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في ذلك علو منزلة لمن يأتي بها يوم القيامة، ورضاً من الله تبارك وتعالى عن قائلها. وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من لا يصلى عليه بالبخل، فإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عنوان للشح، ودليل خبث النفس وسوء الطوية.‏

    ‏ والصيغة المختارة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث مسلم عن أبي هريرة: (قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)، وتستحب الصلاة والتبريك على أزواجه وذريته صلى الله عليه وسلم.


    تم الانتهاء تحياتي ليكم ورمضان كريم
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://elwouroud16.yoo7.com
     
    الشامل في السيرة النبوية
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » أهمية دراسة السيرة النبوية العطرة

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدى متوسطة الورود-الدارالبيضاء-الجزائر :: الحديث والسيرة النبوية-
    انتقل الى: